مُوجِبَةً للكَفَّارَةِ، فلا يَلْزَمُه شيءٌ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه كِنايَةٌ عن اليَمِينِ، وقد نَوَى بها اليَمِينَ، فتكونُ يَمِينًا، كالصَّرِيحِ.
فصل: وثَبَت أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بإبْرارِ المُقْسِمِ أو القَسَمِ. رَواه البخاريُّ (١). وهذا، واللهُ أعْلَمُ، على سَبِيلِ النَّدْبِ، لا. على (٢) سبيلِ الإِيجابِ، بدليلِ أنَّ أبا بكرٍ، رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أقْسَمْتُ عليكَ يا رسولَ اللهِ، لتُخْبِرَنِّي بما أصَبْتُ ممَّا (٣) أخْطَأتُ. فقال النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تُقْسِمْ يَا أبَا بَكْرٍ»(٤). ولم يُخْبِرْه. ويَحْتَمِلُ أن يَجِبَ إبْرارُه إذا لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ، ويكونُ امْتِناعُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن إبْرارِ أبي بكرٍ لِمَا عَلِمَ مِن الضَّرَرِ فيه. وإن أجابَه إلى صورَةِ ما أقْسَمَ عليه دونَ مَعْناه، عندَ تَعَذُّرِ المعْنَى، فحَسَنٌ؛ فإنَّه رُوِيَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ العباسَ جاءَه برجل لِيُبايِعَه على الهِجْرَةِ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ». قال العباسُ: أقْسَمْتُ عليكَ يا رسولَ الله لِتُبَايِعَنَّه. فوَضَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَه في يَدِه، فقال:«أبرَرْتُ قَسَمَ عَمِّي، ولَا هِجْرَةَ»(٥). فأجابَه إلى صُورَةِ المُبايَعَةِ، دونَ ما قَصَد بيَمِينه.