فصل: وفي الأنْفِ رِوايَتان؛ إحْداهما، يَجبُ السُّجودُ عليه. وهو قولُ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وإسحاقَ؛ لِما روَى ابنُ عباسٍ، أن النبيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: «أمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعةِ أعْظُمٍ، عَلَى (١) الْجَبْهَةِ». وأشار بيَدِه إلى أنفِه. «وَالْيَدَيْنِ، وَالركْبَتَيْنِ، وأطْرافِ الْقَدَمَيْن». مُتَّفَق عليه (٢). وإشارَتُه إلى أنْفِه تَدُل على إرادَتِه. وللنَّسائِيِّ، أن النبيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: «أمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ عَلَى (١) الجَبْهَةِ، وَالأنْفِ، وَالْيَديْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ» (٣). والرِّوِايَةُ الثَّانِيَةُ، لا يَجبُ. وهو قولُ عَطاء، والحسنِ، والشافعيِّ، وأبي يُوسُف، ومحمدٍ؛ لأنَّ النبيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال:«أمِرْتُ أن أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُم». ولم يَذْكُرِ الأنفَ فيها، ورُوِيَ أنَّ جابِرًا قال: رَأيتُ النبيَّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- سَجَد بأعْلى جَبْهَتِه على قُصاصِ الشَّعَرِ (٤). رَواه تَمَّامٌ في «فَوائِدِ»، وغيرُه. وإذا سَجَد بأعْلَى الجَبْهَةِ لم يَسْجُدْ على الأنْفِ. ورُوِيَ عن أبي حنيفةَ: إن سَجَد على [أنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهْ](٥)، أجْزَأه (١). ولَعَلَّه ذَهَب إلى أنَّ الجَبْهَةَ والأَنْفَ عُضْو واحِدٌ؛
(١) سقط من: م. (٢) تقدم تخريجه في صفحة ٥٠٢. (٣) انظر التخريج السابق. (٤) قصاص الشعر: حيث تنتهى نِبْتته من مقدمه أو مؤخره والخبر أورده الهيثمى في المجمع ٢/ ١٢٥، وعزاه لأبي يعلى والطبراني في الأوسط. (٥) في م: «جبهته دون أنفه».