فصل: وكُلُّ مَن عَرَض لإِنْسانٍ يُرِيدُ ماله أو نفسَه، فحُكْمُه ما ذَكَرْنا في مَن دَخَل منزلَه، في دَفْعِهم بأسْهَلِ ما يُمْكِنُ دَفْعُه به، فإن كان بينَهما نهرٌ كبيرٌ، أو خَنْدَقٌ، [أو حِصْنٌ](١) لا يَقْدِرونَ على اقْتِحامِه، فليس له رَمْيُهم، فإن لم يُمْكِنْ إلَّا بقِتالِهم، فله قِتالُهم وقَتْلُهم. قال أحمدُ، في اللُّصوصِ يُرِيدُونَ نفسَك ومالكَ: قاتِلْهم تَمْتَعْ نَفْسَك ومالكَ. وقال عَطاءٌ، في المُحْرِمِ يَلْقَى اللُّصُوصَ، قال (٢): يقاتِلُهم أشَدَّ القتَالِ. وقال ابنُ سِيرِينَ: ما أعلمُ أحدًا تَرَك قِتال الحَرُورِيَّةِ واللصوص تَأَثُّمًا، إلَّا أنَّ يَجْبُنَ. وقال الصَّلْتُ بنُ طَرِيفٍ: قلتُ للحسنِ: إنِّي أُحْرَجُ في هذه الوُجُوهِ، أخوَفُ شىِءٍ عندِي يَلْقَانِي المُصَلُّونَ (٣) يَعْرِضُونَ لي في مالِي، فإن كَفَفْتُ يَدِي ذهبُوا بمالِي، وإن قاتَلْتُ المُصَلِّيَ (٤) ففيه ما قد علمتَ؟ قال: أي بُنَيَّ، مَن عَرَض لك في مالِك، فإن قَتَلْتَه فإلى النارِ، وإن قَتَلَكَ فَشَهِيدٌ. ونحوُ ذلك عن أنس، والنَّخَعِيِّ والشَّعْبِيِّ. وقال أحمدُ، في امرأةٍ أرادَها رجلٌ على نَفْسِها، فقَتَلَتْه لِتُحْصِنَ نَفسَها، قال: إذا عَلِمَتْ أنَّه لا يُرِيدُ إلَّا نفسَها، فقَاتَلَتْه لتَدْفَعَ عن نفسِها، فلا شيءَ عليها.
(١) في الأصل: «حصين». (٢) سقط من: م. (٣) في الأصل، م: «اللصوص». (٤) في م: «اللص».