أنَّ الحَدَّ لا يَجِبُ على القاذِفِ إلَّا باللَّفْظِ الصَّريحِ الذى لا يَحْتَمِلُ غيرَ القَذْفِ، وهو أن يقولَ: يا زَانى. أو يَنْطِقَ باللَّفْظِ الحَقِيقِىِّ في الجِماعِ، فأمَّا ما عَداه مِن الألْفاظِ، فيُرْجَعُ فيه إلى تَفْسِيرِه، كما ذَكَرَه في قولِه: يا لُوطِىُّ، يا مَعْقُوجُ. فلو قال لرجل: يا مُخَنَّثُ. أو لامرأةٍ: يا قَحْبَةُ. وفَسَّرَه بما ليس بقَذْفٍ، نحوَ أن يُرِيدَ بالمُخَنَّثِ أنَّ فيه طِباعَ التَّأْنيثِ والتَّشَبُّهَ بالنِّساءِ، وبالقَحْبَةِ أنَّها تَسْتَعِدُّ لذلك، فلا حَدَّ عليه، وكذلك إذا قال: يا فاجرَةُ، يا خَبِيثَةُ. وحَكَى أبو الخَطَّابِ في هذا [رِوايةً أُخْرَى](١)، أنَّه كَلَّه صريحٌ، يجِبُ به الحَدُّ. والصَّحِيحُ الأَوَّلُ. قال أحمدُ في رِوايةِ حَنْبَلٍ: لا أرَى الحَدَّ إلَّا على مَن صَرَّحَ بالقَذْفِ والشَّتِيمَةِ (٢). وقال ابنُ المُنْذِرِ (٣): الحَدُّ على مَن نَصَب الحَدَّ (٤) نَصْبًا. ولأنَّه قولٌ يَحْتَمِلُ غيرَ الزِّنَى، فلم يَكُنْ صَرِيحًا في القَذْفِ، كقولِه: يا فاسِقُ. وكذلك [إن فَسَّر ذلك بما ليس بقَذْفٍ، مثلَ أن يقولَ](٥) أرَدْتُ بالنَبّطَىِّ نَبَطِىَّ اللِّسانِ، أو فارِسِىَّ الطبعِ، أو رُومِىَّ الخِلْقَةِ، فإنَّه لا حَدَّ عليه.
(١) سقط من: الأصل، تش. (٢) في الأصل: «التسمية». (٣) انظر الإشراف ٣/ ٥٤، من قول سعيد بن المسيب، وليس ابن المنذر. والأثر أخرجه عن سعيد، عبد الرزاق، في: المصنف ٧/ ٤٢٢. وابن أبى شيبة، في: المصنف ٩/ ٥٣٦. (٤) سقط من: الأصل. (٥) في م: «إذا قال».