عن ذلك حتَّى فارَقَ الدُّنْيا، وقِياسُهُم يَبْطُلُ بقَوْلِه (١): اللَّهُمَّ اغْفِرْ لى. ولا يَصِحُّ القِياسُ على الخُطْبَةِ؛ لأنَّه لم يَرِدْ عن النبيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- فيها لَفْظْ بعَينِه في جَميعِ خُطْبَتِه (٢)، ولا أمَرَ به، ولأنه يَجُوزُ فيها الكلامُ بخِلافِ الصلاةِ. وما قالَه الشافيُّ عُدُول عن المَنْصُوصِ، فأشبهَ ما لو قال: اللهُ العَظِيمُ. وقَوْلُهم: لم يُغَيِّرْ (٣) بِنْيَتَه ولا مَعْناه. مَمْنُوعٌ؛ لأنَّ التَّنكِيرَ (٤) مُتَضَمِّنٌ لإضْمارٍ أو تَقْدِير، بخِلافِ التَّعْرِيفِ، فإنَّ مَعْنَى قولِه:«اللهُ أكْبَرُ». أي: مِن كل شئٍ. ولأنَّ ذلك لم يَرِدْ في كَلام الله تعالى، ولا في كلام رسولِه -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ولا في المُتَعارَفِ مِن كلام الفُصَحَاء إلَّا كما ذَكَرْنا، فإطْلاقُ لَفظِ التَّكبِير يَنْصَرِف إليها دُونَ غيرِهُ، [كما أنَّ إِطلاقَ لَفْظِ التَّسْمِيَةِ إنَّما يَنْصَرِفُ إلى قولِه:«بِسْمِ اللهِ» دُونَ غيرِه، وهذا يَدُلُّ على أنَّ غيرَها] (٥) لا يُساوِيها.
فصل: والتَّكْبيرُ رُكْنٌ لا تَنْعَقِدُ الصلاةُ إلَّا به، لا يَسْقُطُ في عَمْدٍ ولا سَهْوٍ، وهو قَوْل مالكٍ، والشافعيِّ. وقال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ،
(١) أي بقول المصلى. (٢) في م: «الخطبة». (٣) أي زيادة الألف واللام. (٤) في الأصل: «الكبير». (٥) سقط من: الأصل.