ولو سألَ القَوَدَ ساعةَ قُطِعَتْ إصْبَعُه، أقَدْتُه؛ لما رَوَى جابرٌ، أنَّ رَجُلًا طعَن رجلًا بقَرْنٍ في رُكْبَتِه، فقال: يا رسولَ اللَّهِ أقِدْنِى. قال:«حَتَّى تَبْرَأَ». فأبَى، وعَجَّلَ، فاسْتَقادَ له رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَعِيبَتْ رِجْلُ المُسْتَقِيدِ، وبَرأَتْ رِجلُ المُسْتَقادِ منه. فقال له (١) النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لَيْسَ لك شَىْءٌ، إنَّكَ عَجِلْتَ». رواه سعيدٌ مُرْسلًا (٢). ولأَنَّ القِصاصَ في الطرًّفِ لا يَسْقُطُ بالسِّرايةِ، فوَجَبَ أن يَمْلِكَه في الحالِ، كما لو بَرَأَ. ولَنا، ما رَوَى جابرٌ أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهى أن يُسْتَقادَ مِن الجُرْحِ (٣) حتى يَبْرأَ المَجْرُوحُ. وروَاه الدَّارَقُطنِىُّ (٤)، عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولأَنَّ الجُرْحَ لا يُدْرَى أقَتْلٌ هو أو لا، فيَنْبَغِى أن يُنْتَظَرَ (٥) ليُعْلَمَ ما حُكْمُه؟ فقد روَاه (٦)، وفى سِياقِه، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، عَرَجْتُ. فقال:«قَدْ نَهَيْتُكَ فَعَصَيْتَنِى، فأَبْعَدَكَ اللَّه»،
(١) سقط من: الأصل. (٢) وأخرجه الدارقطنى، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطنى ٣/ ٨٨، ٨٩. والبيهقى، في: باب ما جاء في الاستثناء بالقصاص من الجرح والقطع، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى ٨/ ٦٧. (٣) كذا في النسخ، وعند الدارقطنى والبيهقى: «الجارح». (٤) أخرج الدارقطنى حديثى جابر وعمرو بن شعيب، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطنى ٣/ ٨٨، وحديث جابر أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في الاستثناء بالقصاص من الجرح والقطع، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى ٨/ ٦٧. وأخرج الإمام أحمد حديث عمرو بن شعيب، في: المسند ٢/ ٢١٧. وانظر الكلام على طرق الحديث في: الإرواء ٧/ ٢٩٨، ٢٩٩. (٥) في الأصل: «يثبط»، وفى ق: «يشط». (٦) أى الدارقطنى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، انظر: سنن الدارقطنى ٣/ ٨٨.