إلى اللَّهِ، إن شاء عَذَّبَه، وإن شاء غَفَر له، وتَوْبَتُه مَقْبُولَةٌ في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال ابنُ عباسٍ: لا تُقْبَلُ تَوْبَتُه (١). للآيةِ التى ذَكَرْناها، وهى (٢) مِن آخِرِ ما نَزَلَ [ولم يَنْسَخْها](٣) شئٌ. ولأَنَّ لَفْظَ الآيةِ لَفْظُ (٤) الخَبَرِ، والأخبارُ لا يَدْخُلُها نسْخٌ ولا تَغْييرٌ؛ لأَنَّ خَبَرَ اللَّهِ تَعالى لا يكونُ إلَّا صِدْقًا. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(٥). فجعَلَه داخِلًا في المَشِيئَةِ. وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}(٦). وفى الحديثِ عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ رَجُلًا قَتَلَ مائَةَ رَجُلٍ (٧) ظُلْمًا، ثُمَّ سَألَ: هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَدُلَّ عَلَى عَالِمٍ، فَسَألَهُ، فقالَ: ومَن يَحُولُ بَيْنَكَ وبَيْنَ التَّوْبَةِ، ولَكِنِ اخْرُجْ مِنْ قَرْيَةِ السُّوءِ إلَى القَرْيَةِ الصَّالِحَةِ، فاعْبُدِ اللَّه فِيهَا. فخَرَجَ تَائِبًا، فَأدْرَكَهُ
(١) أخرجه البخارى، في: باب: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ آخَرَ. . .}، من كتاب التفسير. صحيح البخارى ٦/ ١٣٨. ومسلم، في: كتاب التفسير. صحيح مسلم ٤/ ٢٣١٨. وأبو داود، في: باب في تعظيم قتل المؤمن، من كتاب الفتن. سنن أبى داود ٢/ ٤١٩، ٤٢٠. والنسائى، في: باب تعظيم الدم، من كتاب تحريم الدم. المجتبى ٧/ ٧٨ - ٨٠. وابن ماجه، في: باب هل لقاتل مؤمن توبة، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧٤. (٢) سقط من: الأصل، تش، ر ٣. (٣) في الأصل: «بنسخها». (٤) في الأصل، تش: «لحفظ». (٥) سورة النساء ٤٨، ١١٦. (٦) سورة الزمر ٥٣. (٧) سقط من: الأصل، تش.