قال ابنُ عبدِ البَرِّ (١): رجَعَ أحمدُ إلى [أنَّ القُروءَ الأطْهارُ](٢)، قال في رِوايةِ الأثْرَمِ: رأيتُ الأحادِيثَ عَمَّن قال: القُروءُ الحِيَضُ. تختلفُ، والأحادِيثُ عَمَّن قال: إنَّه أحَقُّ بها حتى تَدْخُلَ في الحَيضَةِ الثالثةِ. أحادِيثُها صِحاحٌ قَويَّةٌ (٣). واحْتَجَّ مَن قال ذلك بقولِ اللهِ تعالى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}(٤). أي، في عِدَّتِهِنَّ، كقولِه تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}(٥). أي، في يومِ القِيامةِ. وإنَّما أمَرَ بالطَّلاقِ في الطُّهْرِ لا في الحَيضِ. ويَدُلُّ على ذلك قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حديثِ ابنِ عمرَ:«فَلْيُرَاجِعْهَا حتى تَطْهُرَ، ثم تَحِيضَ، ثم تَطهُرَ، فإن شاء. طَلَّقَ، وإنْ شاءَ أمْسَكَ، فَتِلْكَ العِدَّةُ التي أمَرَ الله أن تُطَلَّقَ لها النِّسَاءُ». مُتَّفَق عليه (٦). وفي رِوايةِ ابنِ عمرَ:(فَطَلِّقُوهُن في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ)(٧). ولأنَّها عِدَّةٌ عن طَلاقٍ مُجَرَّدٍ مُباح، فوَجَبَ أن تُعْتَبَرَ عَقِيبَ الطَّلاقِ، كعِدَّةِ الآيِسَةِ والصَّغِيرةِ. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأولَى قولُ الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ
(١) انظر: التمهيد ١٥/ ٩٣، ٩٤. (٢) في م: «القرء والأطهار». (٣) سقط من: الأصل، تش. (٤) سورة الطلاق ١. (٥) سورة الأنبياء ٤٧. (٦) تقدم تخريجه في ٢/ ٣٩١. وهو عند أبي داود في ١/ ٥٠٣، ٥٠٤. (٧) عند مسلم في ٢/ ١٠٩٨. وأبي داود ١/ ٥٠٥. والنسائي ٦/ ١١٣. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤٣.