وقعَ به الطَّلاقُ وقعَ بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وقد ذَكَرْنا أنَّه لا يَقَعُ بها. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ. واخْتَلَفَ أصحابُ الشافعىِّ في قولِه: كُلِى، و: اشْرَبِى. فقال بعْضُهم كقَوْلِنا، وقال بعضُهم: هو كناية؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ: كُلِى ألَمَ الطَّلاقِ، و: اشْرَبى كَأسَ الفِراقِ. فوقَع، كقَوْلِه: ذُوقِى (١)، و: تَجَرَّعِى. ولَنا، أنَّ هذا اللَّفْظَ لا يستَعْمَلُ بمفْرَدِه إلَّا فيما لا ضَرَرَ فيه، كنحْوِ قولِه تعالى:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(٢). وقال:{فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}(٣). فلم يَكُنْ كنايةً، كقولِه: أطْعِمِينى. وفارَقَ: ذُوقِى، و: تَجرَّعِى. فإنَّه يُسْتَعْمَلُ في المَكارِهِ؛ كقَوْلِه (٤) سبحانه: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}(٥). وَ {ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}(٦). و:{ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}(٧). وكذلك التَّجَرُّعُ، قال اللَّهُ تعالى:{يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ}(٨). فلم يَصِحَّ أن يلحَقَ بهما ما ليس مثْلَهما.
(١) سقط من: الأصل. (٢) سورة الطور ١٩. (٣) سورة النساء ٤. (٤) في م: «لقول اللَّه». (٥) سورة الدخان ٤٩. (٦) سورة آل عمران ١٨١. (٧) سورة القمر ٤٨. (٨) سورة إبراهيم ١٧.