والمَعْصِيَةِ، وما يَسْقُطُ بذلك مِن النَّفَقةِ والكُسْوَةِ، وما يُباحُ له مِن هَجْرِها وضَرْبِها؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُون نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}(١). فإن أظْهَرتِ النُّشوزَ، وهو أن تَعْصِيَه، وتَمْتَنِعَ مِن فِراشِه، أو تَخْرُجَ مِن مَنْزِلِه بغيرِ إذْنِه، فله أن يهْجُرَها في المضْجَعِ ما شاءَ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَاهْجُرُوهُنَّ في الْمَضَاجِعِ}(١). قال ابنُ عبَّاسٍ: لا تُضاجِعْها في فِراشِكَ (٢). فأمَّا الهِجْرانُ في الكلامِ، فلا يجوزُ أكَثَرَ مِن ثلاثةِ أيَّامٍ؛ لِما روَى أبو هُرَيْرَةَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِم أن يَهْجُرَ أخاه فَوقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»(٣). وظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أنَّه ليس له ضَرْبُها في النُّشُوزِ في أوَّلِ مَرَّةٍ. وقد رُوِى عن أحمدَ: إن عَصَتِ المرأةُ زَوْجَها، فله ضَرْبُها ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ. فظاهرُ هذا إباحَةُ ضَرْبِها [أوَّلَ مرَّةٍ](٤)؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَاضْرِبُوهُنَّ}. ولأنَّها صَرَّحَت
(١) سورة النساء ٣٤. (٢) أخرجه ابن أبى حاتم، عن ابن عباس. انظر: الدر المنثور ٢/ ١٥٥. (٣) أخرجه البخارى، في: باب السلام للمعرفة وغير المعرفة، من كتاب الاستئذان. صحيح البخارى ٨/ ٦٥. ومسلم، في: باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعى، من كتاب البر. صحيح مسلم ٤/ ١٩٨٤. وأبو داود، في: باب من يهجر أخاه المسلم، من كتاب الأدب. سنن أبى داود ٢/ ٥٧٧. والترمذى، في: باب ما جاء في كراهية الهجر للمسلم، من أبواب البر والصلة. عارضة الأحوذى ٨/ ١١٨. (٤) سقط من: م.