فإذا آمن العبد بذلك كله فإن ذلك يجعل من المؤمن لا يخاف، فالموحد لا يخشى أحدًا إلا الله، فالتوحيد الحقيقي أنك لا ترى مع الله أحدًا أبدًا، وذلك بأن تعلم وتتيقن بأن كل شيء وقع وتحقق فقد أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع، فالله غني عن العالمين.
فهل يعقل أن الله يأمرك بعبادته ويأمرك أن تتوكل عليه ويجعل مصيرك في يد أحد من البشر. الإجابة.
٢٧. من ثمراته أن التوحيد يد عوك للا فتقار والتذلل بين يدي الله.
فإن من أخص خصائص العبودية: الافتقار المطلق لله تعالى، فهو: حقيقة العبودية ولبُّها.
- وقال سهل التستري (ت: ٢٨٣ هـ)﵀: "قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٢)﴾ [الجِن: ٢٢] قال: "أمره بالافتقار واللجوء إليه، ثم بإظهارهما بقوله، ليزيد بذلك للكافرين ضلالا وللمؤمنين إرشادا، وهي كلمة الإخلاص في التوحيد. إذ حقيقة التوحيد هو النظر للحق لا غير، والإقبال عليه، والاعتماد، ولا يتم ذلك إلا بالإعراض عما سواه، وبإظهار الافتقار واللجوء إليه" (١).