- قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ)﵀: "وقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾ [الأَنبِيَاء: ٨٧] تحقيق لتوحيد الإلهية، فإن الخير لا موجب له إلا مشيئة الله، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، والمعوق له من العبد هو ذنوبه، وما كان خارجا عن قدرة العبد فهو من الله، وإن كانت أفعال العباد بقدر الله تعالى، لكن الله جعل فعل المأمور وترك المحظور سببا للنجاة، والسعادة، فشهادة التوحيد تفتح باب الخير، والاستغفار من الذنوب يغلق باب الشر.
ولهذا ينبغي للعبد أن لا يعلق رجاءه إلا بالله ولا يخاف من الله أن يظلمه؛ فإن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون؛ بل يخاف أن يجزيه بذنوبه، وهذا معنى ما روي عن علي ﵁ أنه قال: لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه.
وفي الحديث المرفوع: إلى النبي ﷺ«أنه دخل على مريض فقال: كيف تجدك؟ فقال أرجو الله وأخاف ذنوبي، فقال: ما اجتمعا في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف».
فالرجاء ينبغي أن يتعلق بالله، ولا يتعلق بمخلوق ولا بقوة العبد ولا عمله، فإن تعليق الرجاء بغير الله إشراك، وإن كان الله قد جعل لها أسبابا فالسبب لا يستقل بنفسه، بل لا بد له من معاون، ولا بد أن يمنع المعارض المعوق له وهو لا يحصل ويبقى إلا بمشيئة الله تعالى" (١).