٤٤. من ثمراته أن التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، يدفع الله به العقوبات في الدارين، ويبسط به النعم والخيرات.
- عن عبد الله بن عباس (ت: ٦٨ هـ)﵄ قال: إنَّ نبيَّ اللهِ ﷺ كان يقولُ عند الكربِ: «لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيمُ، لا إله إلا اللهُ ربُّ السمواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريمُ»(١).
- عن أسماء بنت عميس ﵂ قالت قال رسول الله ﷺ:«ألَا أُعلِّمُكِ كلماتٍ تقولينَهُنَّ عندَ الكَرْبِ، أو في الكَرْبِ؟ اللهُ اللهُ ربِّي، لا أُشرِكُ به شيئًا»(٢).
- قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ)﵀: "فما دُفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد، ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد، ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد، فلا يلقي في الكُرب العظام إلا الشرك، ولا ينجي منها إلا التوحيد، فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها"(٣).
- قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ)﵀: "التَّوْحِيد مفزع أعدائه وأوليائه، فأما أعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥)﴾ [العَنكَبُوت: ٦٥].
وَأما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها؛ ولذلك فزع إليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات وفزع إليه أتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا وما أعد لهم في الآخرة، ولما فزع إليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعه لأن الإيمان عند المعاينة لا يقبل، هذه سنة الله في عباده، فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد؛ ولذلك كان دعاء
(١) صحيح مسلم: ٢٧٣٠. (٢) رواه أبو داود (١٥٢٥). (٣) الفوائد ص: ٥٣.