الحمد، وهو على كل شيء قدير، وذلك أفضل ما قاله رسول الله ﷺ والنبيون من قبله، والحكيم الذي إذا أمر بأمر كان حسنا في نفسه وإذا نهى عن شيء كان قبيحا في نفسه، وإذا أخبر بخبر كان صدقا، وإذا فعل فعلا كان صوابا، وإذا أراد شيئا كان أولى بالإرادة من غيره، وهذا الوصف على الكمال لا يكون إلا لله وحده.
فتضمنت هذه الآية وهذه الشهادة: الدلالة على وحدانيته المنافية للشرك، وعدله المنافي للظلم، وعزته المنافية للعجز، وحكمته المنافية للجهل والعيب، ففيها الشهادة له بالتوحيد، والعدل، والقدرة والعلم والحكمة، ولهذا كانت أعظم شهادة" (١).
- قال برهان الدين البقاعي (ت: ٨٨٥ هـ)﵀، عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ [اللَّيْل: ٦]: " ﴿وَصَدَّقَ﴾ أي أوقع التصديق للمخبر ﴿بِالْحُسْنَى (٦)﴾ أي وهي كلمة العدل التي هي أحسن الكلام من التوحيد وما يتفرع عنه" (٢).
فالإسلام يتضمن العدل، وهو التسوية بين المتماثلين والتفريق بين المتفاضلين من المخلوقات، إذ ذلك من الإسلام لله رب العالمين وحده، فإنه إذا كان الدين كله لله وكانت كلمة الله هي العليا كان الله يأمر بالعدل وينهى عن الظلم. وأصل العدل هو القسط، والقسط هو الإقساط في حق الله تعالى بأن لا
(١) مدارج السالكين ٣/ ٤٢٧ .. (٢) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (سورة الليل: الآية: ٦).