للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدل ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥)[الأَنْعَام: ١١٥] ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأَحْزَاب: ٤].

فالصراط المستقيم الذي عليه ربنا : هو مقتضي التوحيد والعدل. قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦)[النَّحْل: ٧٦] " (١).

- قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) : "قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)[ال عِمْرَان: ١٨].

تضمنت الآية توحيده وعدله، وعزته وحكمته، فالتوحيد: يتضمن ثبوت صفات كماله، ونعوت جلاله، وعدم المماثل له فيها وعبادته وحده لا شريك له، والعدل يتضمن وضعه الأشياء موضعها، وتنزيلها منازلها، وأنه لم يخص شيئًا منها إلا بمخصص اقتضى ذلك، وأنه لا يعاقب من لا يستحق العقوبة، ولا يمنع من يستحق العطاء، وإن كان هو الذي جعله مستحقا، والعزة تتضمن كمال قدرته وقوته وقهره، والحكمة تتضمن كمال علمه، وخبرته، وأنه أمر ونهى، وخلق وقدر، لما له في ذلك من الحكم والغايات الحميدة التي يستحق عليها كمال الحمد.

فاسمه العزيز يتضمن الملك، واسمه الحكيم يتضمن الحمد، وأول الآية يتضمن التوحيد، وذلك حقيقة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله


(١) التفسير القيم ص: ١٨٢ - ١٨٣.

<<  <   >  >>