للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قال ابن أبي زمنين (ت: ٣٩٩ هـ) : " ﴿جَعَلَهَا كَلِمَةً﴾ [الزُّخْرُف: ٢٨] يعني: لا إله إلا الله" (١).

- قال فخر الدين الرازي (ت: ٦٠٦ هـ) : "روي عن كثير من المفسرين أنهم قالوا في تفسير قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزُّخْرُف: ٢٨]. أنها قول لا إله إلا الله. ويدل عليه وجوه:

الأول: مقدمة هذه الآية، وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ [الزُّخْرُف: ٢٦ - ٢٧] وكان معنى قوله: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ﴾ نفي الإلهية عن الأشياء التي كانوا يعبدونها. ثم قال: ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [الزُّخْرُف: ٢٧]. فكان فيه اثبات الإلهية للذي فطره، فإذا حصل هذان المعنيان كان مجموعهما هو قول: لا إله إلا الله. ثم قال: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزُّخْرُف: ٢٨]. فثبت أن المراد من الكلمة الباقية قول لا إله إلا الله.

الثاني: أنه تعالى قال في سورة القصص: ﴿وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القَصَص: ٨٨]. فبين أن كل شيء هالك إلا هو، فإنه واجب الدوام والبقاء. والسرمدية، وقد عرفت أن القول تبع المقول، والاعتقاد تبع المعتقد، فكان صدق لا إله إلا الله، وحقيقة لا إله إلا الله واجبي الثبوت والبقاء والدوام، وذلك هو المراد بكونها باقية.

الثالث: أنا بينا أن التوحيد لا يزول بسبب المعصية، والمعصية تزول بسبب


(١) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين (سورة الزخرف الآية: ٢٨) ٤/ ١٨٢.

<<  <   >  >>