والأَصْلُ فيه أن النبي ﷺ دعا ابنته (١) فاطمة في مَرَضِه، فأسرَّ إليها بشيء فبكت، ثم دعاها فأسرَّ إليها شيئًا فضحكت، فسألتها عائشة، فقالت:"ما كنت لأُفْشِي سِرَّ رسول الله، فلمَّا مات رسول الله سَألتها، فقالت: أخبرني أنه مَيِّتٌ من وجعه ذلك فبَكَيْتُ، ثم أخبرني أنِّي أوَّل أَهْلِه لحوقًا به فضحكت"(٢).
ومن كتمان السِّرِّ أُتِيَ يوسف؛ فإنه قال له يعقوب: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ﴾ [يوسف: ٥]، فكان هنالك من نَقَلَ ذلك إلى الإخوة - على ما روى أهل التفسير (٣) - فسَعَوا له في المكيدة.
ومن الأمثال السائرة على ألسنة العلماء:"صُدُورُ الأحرار قُبُورُ الأسرار"(٤).
كما أن من الأحاديث الموضوعة الباطلة:"النهي عن إفشاء سِرِّ القَدَرِ"(٥)، فما له سِرٌّ، وإنَّما هو كله جَهْر، القضاء من الله، والأمر كله لله، لا (٦) يُسأل عمَّا يفعل (٧).
(١) في (ك): بنته. (٢) أخرجه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة ﵂: كتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ ووفاته، رقم: (٤٣٣٣ - طوق). (٣) لطائف الإشارات: (٢/ ١٦٨). (٤) حلية الأولياء: (٩/ ٣٧٧). (٥) حديث: "لا تكلموا بشيء من القدر؛ فإنه سر الله، فلا تفشوا سر الله" خرَّجه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة عن ابن عمر ﵄: (٢/ ٦٢٩)، رقم: (١١٢٢)، وينظر: الشريعة للآجُرِّي: (٢/ ٩٤٠). (٦) في (ك) و (ص) و (ب): ولا. (٧) ينظر: الأمد الأقصى - بتحقيقنا: (٢/ ٩٥).