أَمَا إنه قد ينفردُ الصَّبْرُ عن الشكر في فوات الطاعة للعبد، فهو مَوْضِعُ صَبْرٍ وليس بموضع شُكْرٍ، ولعظيم هذه الرتبة أخبر الله عنها بالقلة فقال: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]؛ ولذلك صار الصبر والشكر قَرِينَيْنِ، بل أخوين، وهو سبب المزيد؛ قال الله تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٧].
ولبعض البلغاء حكمة (٢) بديعة؛ قال في خطبة:"معلوم أن الله قضى للنعم إذا حُصِّنَتْ بالشكر أن يستدنى منها القصي، ويستأنس النافر الوحشي، وإذا قُرِنَتْ بالكفر أن يرحل منهما القاطن، وتستوحش المعاطن"(٣).
يقول الله في القرآن المجيد: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾.
ومن "فوائد أبي سَعْدٍ الشهيد": "إن الله أَعْلَمَ أنَّكم إن شكرتم إنعامه زادكم إكرامه، وإن كفرتم أَحَلَّ بكم امتحانه، وأنزل بكم فراقه وهجرانه"(٤).
(١) في (ب): الشاكر، وهو الاسم التاسع والثلاثون، وسقط من (ص). (٢) في (ك) و (ص) و (ب): في كلمة، ومرَّضها في (د). (٣) الذخيرة لابن بسَّام: (٤/ ٢/ ٦٣٨). (٤) ينظر: لطائف الإشارات: (٢/ ٢٤١).