ويَخْرُجُونَ فتُضْرَبُ رِقَابُهم؛ واحدًا بعد آخَرَ، ويَقْذِفُ البَحْرُ جميع ما في القِطْعَةِ فنَغْنَمُه هكذا؛ واحدةً بعد أُخْرَى، حتى هَلَكَ جَمِيعُهم، والحمد لله رب العالمين" (١).
[طرائق الوعاظ]
وشَاهَدَ منهم جملة، وذَكَرَ طرائقهم وسِيَرَهم ونوادرهم (٢)، وقَصَّ من أخبارهم، وفيها أمور مستغربة، ومسائل مستعذبة، نَثَرَها في السِّفْرِ الثاني من "السِّرَاجِ"، وذَكَرَ اعتناءهم بالشِّعْرِ وميلهم إليه (٣)، واهتبالهم بالإشارة (٤)، ومعرفتهم بالخواطر، وهي أمور لم تكن ببلاد المغرب، ولم يكن لهم بها اعتناء كما هو الحال في بلاد الشرق (٥).
جُودُ أبي سعيد بن الحدَّاد الأصفهاني:
قال ﵁: "ومن غريب الجُودِ: أنه حجَّ سنة تسعين أبو سعيد بن الحدَّاد الأصفهاني، أخو شيخنا إسماعيل البُنْدَار، نزيل بغداد، فدخل مدينة السَّلام؛ وحَمَلَ إلى الخليفة مالًا عظيمًا، وحمل الزَّادَ على ثلاثة آلاف جَمَلٍ، خرج من "النجمية" مُعَرَّسِ الحاج بالجانب الغربي منها، وأَطْعَمَ الحاجَّ من يوم خروجه إلى رجوعه؛ كل يوم، لا يهتبل أَحَدٌ بزاد، ولا ينظر في معيشة، ودَفَعَ إلى أمير الحاج وجَيْشِه الذي يَسْرِي في البَذْرَقَةِ