وللصَّوْمِ أَخٌ كريمٌ، وصَاحِبٌ شَرِيفٌ، ومُنَاسِبٌ رفيعٌ (١)، وهو الاعتكافُ، ولم يتفطَّن لما بينهما من التَّلَاصُقِ إلَّا مالكٌ ﵀ ومَن قال بقوله، حين قال:"لا يكون الاعتكاف إلَّا بصوم (٢) "(٣)، وليس فيه حديثٌ صحيح، "في نفْيِه ولا في إثباته (٤)، إلا أن في الصحيح: أن النبي ﷺ قال له عمر: "يا رسول الله، إني نذرت أن أعتكف ليلةً في الجاهلية، قال: أَوْفِ بنَذْرِكَ" (٥).
وإنما جُعِلَ الليل عبارة عن اليوم؛ على عَادَةٍ عَرَبِيَّةٍ مشهورة، نقلها أهلُ العربية في كتبهم، ولذلك يقولون: صُمْنَا خَمْسًا، فيُعَبِّرونَ بالليالي عن الأيام؛ لأنها عندهم المتقدمة لها المُعَبِّرَة (٦)، وبها الحسابُ، ولم يفهم حقيقة الاعتكاف من قال: "إنه بغير صوم" (٧)، فإن معناه القيام على بِسَاطِ
(١) سقط من (س) و (ص) و (ز). (٢) في (ص): في المسجد. (٣) الموطأ: كتاب الاعتكاف، ما لا يجوز الاعتكاف إلَّا به، (١/ ٣٦٥)، رقم: (٨٨٨ - المجلس العلمي الأعلى). (٤) ينظر: المسالك: (٤/ ٢٥٤)، وفيه: "فليس لأحد من علمائنا فيه على وجوب الصيام دليلٌ به احتفال". (٥) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الاعتكاف"، باب من لم ير عليه صومًا إذا اعتكف، رقم: (٢٠٤٢ - طوق). (٦) في (د): لها العبرة، وضبَّب على العبرة، وفي (ز): ولها العبرة، وسقطت من (ص). (٧) هو قول الإمام الشافعي، ينظر: الإشراف للقاضي عبد الوهَّاب: (١/ ٤٥٢).