ومن الحديث المشهور:"مَثَلُ الدنيا مَثَلُ ثَغْبٍ؛ شُرِبَ صَفْوُه وبَقِيَ كَدَرُه"(١).
وإن من خطبة عتبة بن مروان (٢): "إن الدنيا قد ولَّت حدَّاء، ولم يبق منها إلَّا صُبابة كصُبابة الإناء".
والثَّغْبُ: موضع مطمئن في الجبل، يَستنقع فيه الماء.
وبتَرْكِ اللذات يبلغ المراد أيضا (٣)، فقد روي أن عمر أُتِي بشربة من عَسَل فلم يشربها، وقال:"أخاف أن تذهب لذتها وأُسأل عنها"(٤).
وبذلك يكون "وَرِعًا"، وهو الاسم الذي تقدَّم بيانُه (٥)، وقد أشرنا إليه، وهذا تمامه.
[حقيقةُ الورع]:
وحقيقته: الكَفُّ؛ فتكفُّ عن الحرام؛ وهو وَرَعُ الناس، وعن الشُّبهة؛ وهو وَرَعُ المريدين، وعن الشَّهوة؛ وهو وَرَعُ المتقين (٦).
وقال أهل الظاهر من الفقهاء:"الكَفُّ عن الشبهة وَرَعُ المتقين"؛ لما رُوي:"أنه لا يبلغ العبدُ درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به حَذَرًا ممَّا به البأس"(٧)، خرَّجه الترمذي، وقال:"حسن".
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف عن ابن مسعود موقوفًا: كتاب الجامع، باب أشراط الساعة، (١١/ ٣٨٤)، رقم: (٢٠٨٠٩). (٢) في (ك) و (ص) و (ب): فرقد، وضبَّب عليه في (د)، والمثبت من طرته. (٣) سقط من (د) و (ب). (٤) الزهد للإمام أحمد: (ص ١٤٩). (٥) سبق ذِكرُه في السِّفْرِ الثالث. (٦) في (ك) و (ص) و (ب): وهو الورع. (٧) أخرجه الترمذي في جامعه عن عطية السعدي ﵁: أبواب صفة القيامة =