وقد قال الله تعالى مُخْبِرًا عن ناحية الرِّفْقِ وجِهَةِ اللِّينِ من الخليل إبراهيم صلوات الله عليه: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)﴾ [إبراهيم: ٣٦].
قال المُفَسِّرُونَ (١): "قال: ﴿وَمَنْ عَصَانِي﴾، ولم يقل: "ومن عصاك "، فطَلَبَ الرَّحْمَةَ فيما كان من (٢) حَقِّ نفسه، ولم ينتصر لها".
وهذا ضعيفٌ؛ فإن عِصْيَانَه عِصْيَانُ الله حَقِيقَةً، وقد قال النبي ﷺ يوم بَدْرٍ لمَّا اختار أبو بكر الفداءَ وعُمَرُ القَتْلَ:"مِثْلُك يا أبا بكر مِثْلُ إبراهيم، في قوله (٣): ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي﴾ الآية، ومِثْلُك يا عمر كمِثْلِ نوح، قال: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ "(٤).
[[من شروط الدعاء]]
وقد قال الله لموسى: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: ٨٩].
(١) هو الأستاذ أبو القاسم، وذَكَرَ هذا في لطائف الإشارات: (٢/ ٢٥٦). (٢) في (س) و (ص) و (ز): حقَّ نفسه. (٣) قوله: "في قوله" سقط من (س). (٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند من حديث عبد الله بن مسعود ﵁: (٦/ ١٢٨)، رقم: (٣٢٣٢ - شعيب)، والترمذي في جامعه مختصرًا: أبوابُ الجهاد عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في المشورة، رقم: (١٧١٤ - بشار)، وفيه انقطاع.