وقال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد: ٣١]، وذلك يكون -كما تقدَّم- بِبَذْلِ الطاعة، واستعمال غاية (١) القوة، والاستمرار على ذلك طُولَ المدة، حَسَبَ مَا يأتي في اسم "الصابر" إن شاء الله ﷿، ومُكَافَحَةِ العَدُوِّ بغاية الشِّدَّةِ، وهُوَ في الأصل الشَّيْطَانُ الذي يأمر بالفحشاء والمنكر، ويَنْتَصِبُ للعبد في كُلِّ سَبِيلٍ من سُبُلِ الطاعة، ويَطْمِسُ عليه وجوه الخير.
وقد قال النبي ﷺ:"قَعَدَ الشيطانُ لابن آدم في طريق الإسلام فقال له: أتسْلِمُ وتَذَرُ دِينَكَ ودِينَ آبائك؟ فَخَالفَهُ فَأَسْلَمَ، ثم قَعَدَ له في طريق الهجرة فقال له: أَتُهَاجِرُ وتَذَرُ أَهْلَكَ ووَلَدَكَ ومَاَلكَ؟ فخالَفه فهاجر، ثُمَّ قَعَدَ له في طريق الجهاد فقال له: أتجَاهِدُ فتُقْتَلُ فتُنْكَحُ أَهْلُكَ ويُقْسَمُ مَالُكَ؟ فخالَفه فقُتِلَ، فحَقٌّ على الله أن يُدْخِلَه الجنة"(٢).
ودخل ﷺ على أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِهِ يوم مات أَبُو سَلَمَةَ، وهي تريد أن تَبْكِيَه، فقال لها:"أتريدين أن تُدْخِلِي الشيطانَ بَيْتًا أَخْرَجَه الله منه؟ مَرَّتَيْنِ"(٣).
(١) في (س) و (ص) و (ز): عامة. (٢) تقدَّم تخريجه. (٣) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، رقم: (٩٢٢ - عبد الباقي).