فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته، والمشرك به والمستكبر عن عبادته كافر، والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده.
وهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره، وذلك إنما يكون بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت، فإذا أمر في أول الأمر باستقبال الصخرة، ثم أمر ثانيا باستقبال الكعبة، كان كل من الفعلين حين أمر به داخلا في دين الإسلام، فالدين هو الطاعة والعبادة له في الفعلين، وإنما تنوع بعض صور الفعل وهو وجهة المصلي، فكذلك الرسل دينهم واحد، وإن تنوعت الشرعة. والمنهاج والوجهة والمنسك، فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحدا، كما لم يمنع ذلك في شرعة الرسول الواحد" (١).
- قال ابن القيم: "التوحيد كل التوحيد أن يشهد كل شيء دليلا عليه، مرشدا إليه، ومعلوم أن الرسل أدلة للتوحيد" (٢).
قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ)﵀: "قال تعالى ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [فُصِّلَت: ٦ - ٧]، أي لا يؤتون ما تزكى به أنفسهم من التوحيد والإيمان، ولهذا فسرها غير واحد من السلف بأن قالوا لا يأتون الزكاة