للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخرون: إنما نزلت هذه الَايات في كفار أهل الكتاب والمنافقين منهم، وإياهم عنى الله جل ذكره بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ [البَقَرَةِ: ٦] وبقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البَقَرَةِ: ٨] فكل ما في هذه الَايات فعذل لهم وتوبيخ إلى انقضاء قصصهم. قالوا: فعهد الله الذي نقضوه بعد ميثاقه: هو ما أخذه الله عليهم في التوراة من العمل بما فيها، واتباع محمد إذا بعث، والتصديق به وبما جاء به من عند ربهم. ونقضهم ذلك هو جحودهم به بعد معرفتهم بحقيقته، وإنكارهم ذلك، وكتمانهم علم ذلك عن الناس، بعد إعطائهم الله من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه. فأخبر الله جل ثناؤه أنهم نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلاً.

وقال بعضهم: إن الله عنى بهذه الآية جميع أهل الشرك والكفر والنفاق وعهده إلى جميعهم في توحيده ما وضع لهم من الأدلة الدالة على ربوبيته وعهده إليهم في أمره ونهيه ما احتج به لرسله من المعجزات التي لا يقدر أحد من الناس غيرهم أن يأتي بمثلها الشاهدة لهم على صدقهم. قالوا: ونقضهم ذلك تركهم الإقرار بما قد تبينت لهم صحته بالأدلة، وتكذيبهم الرسل والكتب، مع علمهم أن ما أتوا به حق. وقال آخرون: العهد الذي ذكره الله جل ذكره، هو العهد الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم، الذي وصفه في قوله: وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ وأشْهَدَهُمْ على أنْفُسِهِمْ الَايتين، ونقضُهم

<<  <   >  >>