للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) : "وتأمل هذه الألفاظ كيف جعل الفطرة للإسلام فإنه فطرة الله التي فطر الناس عليها، وكلمة الإخلاص هي شهادة أن لا إله إلا الله، والملة لإبراهيم فإنه صاحب الملة وهي التوحيد وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له ومحبته فوق كل محبة، والدين للنبي وهو دينه الكامل وشرعه التام الجامع لذلك كله وسماه سبحانه إماما وأمة وقانتا وحنيفا قال تعالى ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البَقَرَةِ: ١٢٤] فأخبر سبحانه أنه جعله إماما للناس وأن الظالم من ذريته لا ينال ربتة الإمامة والظالم هو المشرك وأخبر سبحانه أن عهده بالإمامة لا ينال من أشرك به وقال تعالى ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [النَّحْل: ١٢٠ - ١٢٢].

فالأمة هو القدوة المعلم للخير والقانت المطيع لله الملازم لطاعته والحنيف المقبل على الله المعرض عما سواه ومن فسره بالمائل فلم يفسره بنفس موضوع اللفظ وإنما فسره بلازم المعنى فإن الحنف هو الإقبال ومن أقبل على شيء مال عن غيره والحنف في الرجلين هو إقبال إحداهما على الأخرى ويلزمه ميلها عن جهتها

<<  <   >  >>