"القرآن توحيد وأحكام ووعظ و ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ [الإِخْلَاص: ١]، فيها التوحيد كله. وبهذه المعاني وقع البيان في قوله ﷺ لأبى بن كعب:«أي آية في القرآنأعظم؟» قال: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البَقَرَةِ: ٢٥٥]. قال:«ليهنك العلم يا أبا المنذر»(١). وإنما كانت أعظم؟ لأنها توحيد كلها، كما صار قوله: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله" الحديث (٢)، أفضل الذكر؛ لأنها كلمة حوت علوم جميع التوحيد، والفاتحة تضمنت التوحيد كله والعبادة والوعظ والتذكير، ولا يستبعد ذلك في قدرة الله، فإن الله جمع التوحيد كله في آية الكرسي، ثم جمعه في أقل حروفا منها التوحيد، وهو: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإِخْلَاص: ١]. ثم جمعه لرسوله في كلمات يوم عرفة المتقدمة. ثم جمع ذلك في آية واحدة، وهي قوله: ﴿مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأَحْقَاف: ٣]. وقوله: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ [المُؤْمِنُون: ١١٥] "(٣).
- قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ)﵀: "ولهذا كانت سورة "الأنعام" أفضل من غيرها وكذلك سورة "يس" ونحوها من السور التي فيها أصول الدين التي اتفق عليها الرسل كلهم صلوات الله عليهم. ولهذا كانت ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ [الإِخْلَاص: ١]
(١) أخرجه مسلم (٨١٠). (٢) أخرجه مالك في الموطأ (٥٧٢) رواية يحيى، وأحمد: ٢/ ٢١٠، والترمذي (٣٥٨٥) من حديث عمرو بن شعبب، عن أبيه، عن جده. قال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه". وصححه من المعاصرين الألباني في سلسلته الصحيحة (١٥٠). (٣) كتاب المسالك في شرح موطأ مالك لابن العربي المالكي ٢/ ٣٧٠.