لِسِتٍّ بَقِينَ، فَظَنَّ أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ إِذْ تَمَامُ السِّتِّ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ، وَأَوَّلُ ذِي الْحِجَّةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ بِلَا رَيْبٍ، وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ؛ فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ خُرُوجِهِ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».
وَحَكَى الطَّبَرِيُّ فِي «حَجَّتِهِ» قَوْلًا ثَالِثًا: أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْوَاقِدِيِّ، وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي رَجَّحْنَاهُ أَوَّلًا، لَكِنَّ الْوَاقِدِيَّ وَهِمَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَوْهَامٍ:
• أَحَدُهَا: أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى يَوْمَ خُرُوجِهِ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ.
• الْوَهْمُ الثَّانِي: أَنَّهُ أَحْرَمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَقِيبَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَإِنَّمَا أَحْرَمَ مِنَ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ.
• الْوَهْمُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْوَقْفَةَ كَانَتْ يَوْمَ السَّبْتِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ وَهْمٌ بَيِّنٌ. اهـ.
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» - في حوادث سنة عشر - (٧/ ٤١٤):
لَا خِلَافَ أَنَّ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ; لِمَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَنَّهُ، ﵊، وَقَفَ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ تَاسِعُ ذِي الْحِجَّةِ بِلَا نِزَاعٍ، فَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، لَبَقِيَ فِي الشَّهْرِ سِتُّ لَيَالٍ قَطْعًا; لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَالسَّبْتِ، وَالْأَحَدِ، وَالِاثْنَيْنِ، وَالثُّلَاثَاءِ، وَالْأَرْبِعَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute