أَعْلَمَ النَّاسَ وَقْتَ خُرُوجِهِ: «أَنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً»، وَهَذَا وَهْمٌ ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ حَجَّتِهِ، إِذْ قَالَ لأم سنان الأنصارية: «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَكُونِي حَجَجْتِ مَعَنَا؟» قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ فَحَجَّ أَبُو وَلَدِي وَابْنِي عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْهِ، قَالَ: «فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً»، هَكَذَا رَوَاهُ مسلم فِي «صَحِيحِهِ».
وَكَذَلِكَ أَيْضًا، قَالَ هَذَا لأم معقل بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا رَوَاهُ أبو داود، مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أم معقل، قَالَتْ: لَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ فَجَعَلَهُ أبو معقل فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَصَابَنَا مَرَضٌ، فَهَلَكَ أبو معقل، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ جِئْتُهُ، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجِي مَعَنَا؟» فَقَالَتْ: لَقَدْ تَهَيَّأْنَا، فَهَلَكَ أبو معقل، وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ وَهُوَ الَّذِي نَحُجُّ عَلَيْهِ، فَأَوْصَى بِهِ أبو معقل فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: «فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَّا إِذْ فَاتَتْكِ هَذِهِ الْحَجَّةُ مَعَنَا فَاعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ؛ فَإِنَّهَا كَحَجَّةٍ».
• وَمِنْهَا: وَهْمٌ آخَرُ لَهُ، وَهُوَ أَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ لِخَمْسٍ، وَأَنَّ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ.
• وَمِنْهَا: وَهْمٌ آخَرُ لِبَعْضِهِمْ، ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي «حَجَّةِ الْوَدَاعِ» أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وَالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى هَذَا الْوَهْمِ الْقَبِيحِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: خَرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute