للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ الْحَجِّ وَلَكِنَّ الْكَبَائِرَ تُكَفِّرُهَا التَّوْبَةُ مِنْهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. اهـ.

وقال القرطبي في «المفهم» (١/ ٣٢٩): هذه الأعمالَ الثلاثةَ تُسقِطُ الذنوبَ التي تقدَّمَتهَا كلَّها، صغيرَهَا وكبيرها؛ فإنَّ ألفاظَهَا عامَّةٌ خرجَت على سؤالٍ خاصٍّ؛ فإنَّ عَمرًا إنما سأل أن يغفَرَ له ذنوبُهُ السابقةُ بالإسلام، فأُجِيبَ على ذلك؛ فالذنوبُ داخلةٌ في تلك الألفاظِ العامَّةِ قطعًا، وهي بحكم عمومها صالحةٌ لتناوُلِ الحقوقِ الشرعيَّة، والحقوقِ الآدميَّة؛ وقد ثبَتَ ذلك في حَقِّ الكافر الحربيِّ إذا أسلَمَ؛ فإنَّه لا يُطَالَبُ بشيء مِنْ تلك الحقوق، ولو قَتَلَ وأَخَذَ الأموالَ، لم يُقتَصَّ منه بالإجماع، ولو خرجَتِ الأموالُ مِنْ تحت يده، لم يطالَب بشيء منها.

ولو أسلَمَ الحربيُّ وبيده مالُ مسلمٍ؛ عَبِيدٌ، أو عُرُوضٌ، أو عَينٌ؛ فمذهبُ مالك: أنَّه لا يجبُ عليه رَدُّ شيء من ذلك؛ تمسُّكًا بعمومِ هذا الحديث، وبأنَّ للكفَّارِ شبه مِلكٍ فيما حازُوهُ من أموال المسلمين وغيرهم؛ لأنَّ الله تعالى قد نسَبَ لهم أموالًا وأولادًا؛ فقال تعالى: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ﴾ [التوبة: ٥٥].

وذهَبَ الشافعيُّ: إلى أنَّ ذلك لا يَحِلُّ لهم، وأنَّه يجبُ عليهم ردُّها إلى مَنْ كان يملكها مِنَ المسلمين، وأنَّهم كالغُصَّاب؛ وهذا يُبعِده: أنَّهم لو استَهلَكُوا ذلك في حالةِ كُفرهم ثُمَّ أسلموا، لم يَضمَنوا بالإجماعِ؛ على ما حكاه أبو محمَّدٍ عبدُ الوهَّاب.

<<  <   >  >>