للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَإِنْ مَرَّ بِهَا مُجْتَازًا، فَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَرَفَةُ، أَجْزَأَهُ أَيْضًا. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وَاقِفًا إلَّا بِإِرَادَةٍ.

وَلَنَا، عُمُومُ قَوْلِهِ : «وَقَدْ أَتَى عَرَفَاتٍ، قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا»، وَلِأَنَّهُ حَصَلَ بِعَرَفَةَ فِي زَمَنِ الْوُقُوفِ وَهُوَ عَاقِلٌ، فَأَجْزَأْهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ.

وَإِنْ وَقَفَ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٌ، وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ. اهـ.

قُلْتُ: وقال ابن المنذر في «الإشراف» (٣/ ٣١٤): قال مالك، وأصحاب الرأي: يجزؤه. وقال الشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق: لا يجزيه، وقد فاته الحج. وبه نقول. اهـ.

قُلْتُ: ما شأنه، ومن دخل عرفة نائمًا حتى خرج منها نائمًا إلا سواء، وتقدم تصحيح ابن قدامة حج الواقف بعرفة نائمًا، وهذا مثله.

والأرجح والله أعلم: أنَّ الوقوف، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، عبادة، والعبادة يشترط لها النية؛ لحديث: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، فلا يصح وقوف مجنون أو مغمى عليه أو نائم، ولا طوافه ولا سعيه إن دخل في تلك العبادة نائمًا، وخرج منها نائمًا أو فاقدًا عقله بجنون أو إغماء إلا إن أفاق فنوى فيصح عمله ذلك، أما من يريد الوقوف بعرفة ومر بها ولم يعرف أنه مشى فيها وقتًا، فوقوفه صحيح لقصده الوقوف، وإنما خفي عليه مكانها وقد وفق له.

<<  <   >  >>