رسُول اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ سورةَ الْفَتْحِ بِكَمَالِهَا، وَأَنْزَلَ لَهُمْ رُخْصَةً: أَنْ يَذْبَحُوا مَا مَعَهُمْ مِنَ الْهَدْيِ وَكَانَ سَبْعِينَ بَدَنَةً، وَأَنْ يَتَحَللوا من إِحْرَامِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ ﵇ بِأَنْ يَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ وَيَتَحَلَّلُوا، فَلَمْ يَفْعَلُوا انْتِظَارًا لِلنَّسْخِ حَتَّى خَرَجَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَفَعَلَ النَّاسُ وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ قَصّر رَأْسَهُ وَلَمْ يَحْلِقْهُ، فَلِذَلِكَ قَالَ ﷺ: «رَحِم اللَّهُ المُحَلِّقين»، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «وَالْمُقَصِّرِينَ».
(وَقَدْ كَانُوا اشْتَرَكُوا فِي هَدْيِهِمْ ذَلِكَ، كُلُّ سَبْعَةٍ فِي بَدَنة)، وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَكَانَ مَنْزِلُهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ خَارِجَ الْحَرَمِ، وَقِيلَ: بَلْ كَانُوا عَلَى طَرف الْحَرَمِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُخْتَصُّ الْحَصْرُ بِالْعَدُوِّ، فَلَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا مَنْ حَصَرَهُ عَدُو، لَا مَرَضٌ وَلَا غَيْرُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
• فَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن يزيد المقري، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ أَبِي نَجِيح وَمُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَا حَصْرَ إِلَّا حصرُ الْعَدُوِّ، فَأَمَّا مَنْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ وَجَعٌ أَوْ ضَلَالٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦]، فَلَيْسَ الْأَمْنُ حَصْرًا.
قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَطَاوُسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، نَحْوُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute