للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٦/ ٧٧): وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مَنْ شَذَّ. اهـ.

قُلْتُ: فإذا ثبت أنه إجماع لم يقل بخلافه إلا من شذ، فنقول به باطمئنان أنَّ من أراد السفر لا يشرع له القصر حتى يفارق بيوت قريته التي يسكنها، وإذا رجع يقصر حتى يدخلها ولو كان يراها من بعيد، ويستدل لذلك أيضًا بقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١]، فعلق الله سبحانه القصر بالضرب في الأرض.

وبهذا استدل النووي في «المجموع» (٤/ ٣٤٦)، قال: وَلَا نَعْلَمُ النَّبِيَّ قَصَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْفَارِهِ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنِ الْمَدِينَةِ. اهـ.

قال: وَإِنْ اتَّصَلَت حِيطَانُ الْبَسَاتِينِ بِحِيطَانِ الْبَلَدِ فَفَارَقَ بُنْيَانَ الْبَلَدِ قَصَرَ، - ولو اتصلت حيطان البساتين بحيطان بلده -، وبه قال ابن حزم في «المحلى» مسألة (٥١٣).

قُلْتُ: ولو كانت المدينة واسعة بحيث إذا دخل في طرفها لا يصل إلى بيته إلا بعد نصف ساعة أو نحوها، فالحكم كما تقدم أنَّه إذا خرج لا يقصر حتى يخرج من المدينة كلها، وعند رجوعه يتم، وإن دخل في أطرافها كما تقدم برهان ذلك. والله أعلم.

كم المسافة التي تعتبر سفرًا

هذه مسألة اختلف فيها اختلافًا شديدًا على نحو عشرين قولًا، حتى قال الإمام

<<  <   >  >>