وقَوْلُه في هذا الحديث (١): "يَقْرَأُ ويَعْلَمُ" سواءٌ؛ لأنَّ من قرأ ولم يَعْلَمَ واقتصر على التلاوة دون عَقْلِ المَتْلُوِّ وفِقْهِه فقد خاب سعيَه، وأُفِنَ رأيَه، وغَبِنَ نفسَه، وسَفِهَ عقلَه (٢).
وقد ثبت عن النبي ﷺ ذَمُّ ذلك في حديثين عظيمين صحيحين:
أحدهما: قوله ﷺ: "إنكم في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، يَحْفَظُونَ فيه حدود القرآن، ويُضَيِّعُون حروفه، وسيأتي على الناس زمانٌ كثيرٌ قراؤُه، قليلٌ فقهاؤُه، تُحْفَظُ فيه (٣) حروفُ القرآن، وتُضَيَّعُ حدودُه"(٤).
الثاني: قوله-ﷺ:"يَخْرُجُ من ضِئْضِئِ هذا (٥) - وفي رواية: من قبل المشرق- قَوْمٌ يقرؤون القرآن لا يُجَاوِزُ حناجرهم، يَمْرُقُونَ من الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْم من الرَّمِيَّةِ"(٦)، وذَكَرَ الحديث، فذَمَّهُم على التلاوة دون العمل، وهُمْ يَدَّعُونه ولا يعقلونه، ويقولون:"كتابُ الله إِمَامُنا"، وقد نبذوه وراء ظهورهم.
وقد صحَّ أنَّ ابن عمر أقام على البقرة ثماني سنين يتعلمها (٧).
(١) قوله: "في هذا الحديث" سقط من (س). (٢) المعنى: خَسِرَ نفسه، وأفسد رأيَه، ينظر: الروض الأُنُف: (٤/ ١٥٤). (٣) سقطت من (س). (٤) أخرجه الإمام مالك في الموطأ من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ موقوفًا: جامع الصلاة، (١/ ٢٣٣)، رقم: (٤٨١ - المجلس العلمي الأعلى). (٥) سقط من (س). (٦) أخرجه الإمام مالك في الموطأ من حديث أبي سعيد الخدري ﵁: ما جاء في القرآن، (١/ ٢٥٧)، رقم: (٥٤٧ - المجلس العلمي الأعلى). (٧) أخرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغًا: ما جاء في القرآن، (١/ ٢٥٧)، رقم: (٥٤٨ - المجلس العلمي الأعلى).