قيل له: من ارتاب من قومك في عبادة غير الله فليسأل الأمم عن الرِّيبَةِ التي دَخَلَتْ عليهم فيَجِدُوا الجواب عندهم، وهذا كما قيل له: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [يونس: ٩٤]، على أَظْهَرِ التأويلات، وقد بيَّنَّاه في "المُشْكِلَيْنِ".
أَصَحُّه: قَوْلُ سعيد بن جُبَير: "ما شَكَّ (١) ولا سَأَلَ"(٢)، وهو الحقُّ، وإنَّما هو تَسْلِيَةٌ للأمة، كما قال له: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] ولا يجوز عليه الشِّرْكُ، ولكن هذا تهديدٌ لغيرِه به.
وأمَّا قوله تعالى: ﴿لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ﴾؛ فقيل: هم الرُّسُلُ، يجمعهم الله ثم يسألهم عمَّا كان من قَوْلِ قَومِهِم لهم.
وأمَّا سؤالُه لعيسى؛ فقيل: كان (٣) إذ رفعه.
وقيل: يكون يوم القيامة.
وعبَّر به عن الماضي ليُوجِبَ له الكَوْنَ، إذ هو واقعٌ لا محالة.
وقد ورد في الصحيح:"إن الرسل تُدْعَى مع قومها، فيقولون: ﴿مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ﴾ [المائدة: ٢١]، فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: مُحَمَّدٌ وأُمَّتُه"(٤).
فيكون لأجل ذلك:
(١) في (س): شكَّك. (٢) تفسير الطبري: (١٥/ ٢٠٢ - شاكر). (٣) سقط من (س). (٤) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد ﵁: كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾، رقم: (٣٣٣٩ - طوق).