ثم قدَّر الله أن عُدْتُ إلى مسقط رأسي، فذهب أُنسي، وأرجو أحسن العاقبة؛ فإنه لم يُرجعني إلَّا حَقُّ الوالدة، وصِرْتُ الآن غريبًا بين قومي، وقد كنتُ غريبًا بين الغرباء؛ رفيعًا، شهيرًا، موصولًا، مُمَدَّحًا، مقبولًا، وذلك لفساد النيات، وقلة الإنصاف، واعتقاد المنافسة، ونبذ التواضع للشرف، والعناد للحق.
أليس غريبًا أن يؤمل طاعة … ويدعو إليها والزمان مباعدُ
يباعدك الأدنون في كل حالة … ويمسح عِطْفَيْكَ الرجال الأباعدُ
وأنت مُعَنًّى لا سُلُوٌّ ولا أَسًى … تَكَنّفَكَ الغاوون؛ وَاشٍ وحَاسِدُ
غريبٌ عن الإخوان في كل فرقة … إذا عظُم المطلوب قلَّ المساعدُ (٣)
كنت بالمُقْتَدِيَّة (٤) أصلي المغرب في مسجد شيخنا سلمان القَيْسَراني
(١) في (خ): بيننا. (٢) الأبيات من الطويل، وهي في معجم الأدباء: (٢/ ٤٧٤)، ووفيات الأعيان: (٦/ ٣)، والذخيرة: (٧/ ١٢٦)، أنشدها ابن الأعرابي. (٣) الأبيات من الطويل، الأخير للمتنبي مضمَّن، وقد مَرَّ، والأولى لم أجدها. (٤) في (ص): المقتدرية، وهي تصحيف. المقتدية: من محلَّات بغداد، نسبة إلى أمير المؤمنين المقتدي بالله، وبها كان قصر الخليفة، وبها كان مُقام الإمام ابن العربي ووالده ببغداد، بجوار نهر المُعَلَّى، ينظر: فهرس ابن خير: (ص ٥١٢)، ولم يعد لها وجودٌ اليوم.