قال (١) الفقهاء: "هو حُسْنُ الفهم"، كقول عمر:"وافقتُ ربي في ثلاث"(٢)، فأخذ بعلمه وحُسْنِ فهمه من الشريعة ما أنزل الله به الحق.
وقالت الصوفية: ما هو إلَّا أَمْرٌ يُلقيه الله في النفس بواسطة المَلَك، ويدلُّ عليه قراءة ابن عباس (٣): ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى﴾ (٤)، وذلك صحيح عنه.
قلنا: معنى الآية غير ظاهره (٥)؛ لأن النبي لا يكون رسولًا، ولا المُحَدَّثُ لا يكون نَبِيًّا، وإنما تقدير الآية: وما أرسلنا من رسول، ولا نَبَّأْنا من نبي، ولا ألهمنا من مُلْهَمِ (٦)، ولا حدَّثنا من مُحَدَّث، وتُضْمِرُ لكل واحد من الأسماء ما يليق بها من الأفعال، كما قالت العرب:
ورأيتُ زوجك في الوغي … مُتَقَلِّدًا سيفًا ورُمْحَا (٧)
وقالوا:
وأطفلتْ بالجَلْهَتَيْنِ … ظباؤها ونعامُها (٨)
(١) في (ك) و (ص) و (ب): وقال. (٢) سبق تخريجه. (٣) تفسير ابن أبي حاتم: (٨/ ٢٥٠٠)، وينظز: الجامع للقرطبي: (١٤/ ٤٢٣ - التركي). (٤) في (ص) زيادة قوله: ﴿إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾. (٥) في (د) و (ص): ظاهر. (٦) قوله: "من ملهم" سقط من (ك) و (ص) و (ب). (٧) البيت من مجزوء الكامل، وهو في الزاهر: (١/ ٥٢)، ودرة الغواص: (ص ٨٠) بدون نسبة. (٨) وهو من الكامل، من معلَّقة لَبِيد، شرح المعلقات للزوزني: (ص ١٢٨).