وقال أهل الزهد:"لمَّا قال له: "اهبط"؛ زوَّده بكلمات كريمة؛ لأنه (١) كان على بِسَاطِ الكرامة، فلمَّا خالف أُخرج من الدار (٢)، ولكنه بشَّره بأن رجوعه إليها يكون قريبًا بقوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ [البقرة: ٣٨] "(٣)، وقد بيَّنَّاه في "التفسير".
وقد سألها إبراهيمُ في حال الوصال وكمال الخُلَّةِ، فقال: ﴿وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم﴾ [البقرة: ١٢٨]، يريد: بعد قيامنا بجميع ما أمرتنا به، فإنه خشي التقصير فسأل التوبة منه؛ إذ عِظَمُ المنزلة تُوجِبُ كثرة الخدمة، ومراعاة الحُرمة، وملازمة الصلاح والإِصْلَاح، كما قال سبحانه: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا﴾ [البقرة: ١٦٠]، وقد تقدَّم؛ فإنَّ مواقعة المعاصي تُوجِبُ ضَرَاوَةً بها وأُنْسًا معها؛ حتى ربَّما لم تُمْكِنْ مفارقتُها.
ومعناه: لن (٤) تُوجَد؛ لأن المعدوم لا يقبل، وإنَّما يقبل الموجود من فعل أو ترك، والتَّرْكُ فِعْلُ من الأفعال، خلافًا للقدرية، وقد مهَّدناه في "كُتُبِ الأصول".
(١) سقط من (ك) و (ص) و (ب). (٢) في (ك) و (ص) و (ب): الباب، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته. (٣) لطائف الإشارات: (١/ ٨٣). (٤) في (د): لم.