الثالث والعشرون: قوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (١)
أخبر (٢) سبحانه عن حال الكفار الأشرار، وسخريتهم من الأبرار (٣)؛ بما أتاهم الله من متاع الدنيا، فيقولون: لو كان مُحَمَّدٌ نبيًّا لاتَّبعه أشرافنا، وإنَّما اتبعه أهل الفقر والمسكنة (٤)، وهذا كما قال مَن قَبْلَهم لأوَّل الرُّسُلِ نُوحٍ: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا﴾ [هود: ٢٧]، وزادوا: ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾، يعني: بغير تأمل (٥) ولا فكرة، ولا نَظَرٍ في عاقبة، وخَفِيَ عليهم ما أدركه هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّوم حين سَأَلَ عن النبي، فقال:"أَشْرَافُ الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فقال له (٦) أبو سفيان: بل ضعفاؤهم، فقال: هم أتباع الرسل"(٧)، والسِّرُّ في ذلك أنَّهم جهلوا كلهم طريق الاختيار، وخَفِيَتْ عليهم سُبُلُ الاختصاص، ولم يُدِرِكُوا وَجْهَ التفضيل بين الأشخاص.
والتمييزُ (٨) بالمعاني لا (٩) بالمباني (١٠)، قال النبي ﷺ:"إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"(١١).
(١) [البقرة: ٢١٠]. (٢) في (ك) و (ب) و (ص): فيه، وضرب عليها في (د). (٣) في (د): بالأبرار. (٤) بعده في (د) لحق، وموضعه مطموس، فلا يكاد يظهر شيء. (٥) في (ك) و (ب) و (ص): تأمل، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته. (٦) سقط من (ص). (٧) تقدَّم تخريجه. (٨) في (ص): التميز. (٩) سقطت من (ص). (١٠) لطائف الإشارات: (٢/ ١٣٢). (١١) سبق تخريجه.