وفي كُتُبِ السِّيَرِ من طريق حسنة:"أن النجاشي أرسل يومًا إلى جعفر وأصحابه فدخلوا عليه، فإذا هو جالس على الأرض وعليه خُلقان ثياب، فأشفقنا حين رأيناه على تلك الحال، فلمَّا رأى ما في وجوهنا قال: إنِّي أُبَشِّرُكُمْ بما يَسُرُّكم، جاءني من نحو أرضكم خبير، فأخبرني أن الله قد نَصَرَ نبيَّه وأهلك عدوَّه، وأَسَرَ فلانًا وفلانًا، التقوا بوَادٍ يقال له: بدر، كثير الأراك، كأني أنظر إليه، كنت أرعى فيه لسيِّدي - رجل من بني ضَمْرَةَ - إِبِلَه، فقال له جعفر: مَا لَكَ جالسًا على التراب ليس تحتك بساط وعليك هذه الأخلاق؟ قال: إنا نجد فيما أَنزل الله على عيسى: أن حقًّا على العباد أن يُحْدِثُوا لله تواضعًا عند ما أَحْدَثَ الله (١) لهم نعمة، فلمَّا أُخْبِرْتُ أن الله نَصَرَ نبيَّه أَحْدَثْتُ لله تواضعًا"(٢).
ومن حِكَمِ الأَحْنَفِ بن قيس:"الشريفُ إذا تَقَرَّأَ (٣) تواضع، والوضيعُ إذا تقرَّأَ (٤) تكبَّر".
وفي الآثار:"إن الرجل إذا تواضع أخذ الله بناصيته فرفعه، وإذا تكبَّر خَضَّعَه الله ووَقمَه"(٥).
وصحَّ أن النبي قال: "إن المتكبرين يُحشرون يوم القيامة مثل الذَّرِّ في صُوَرِ الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يُساقون إلى سجن جهنم يسمَّى
(١) لم يرد في (د) و (ص) و (ب). (٢) كتاب الشكر لابن أبي الدنيا: (ص ٥٣ - ٥٤)، رقم: (١٢٧). (٣) تقرَّأ: تفقَّه وتنسَّك، تاج العروس: (١/ ٣٦٦). (٤) في (د) كلمة غير واضحة. (٥) ينظر: الإحياء: (ص ١٢٥٥).