وقد بيَّن الله حكمة مشاورة النبي لأصحابه، وأَعْلَمَ أن ذلك برحمته في قوله: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، بل كان رؤوفًا رحيمًا، فرَزَقَهُ القوة على صحبتهم مع جَفْوَتِهم، وتبليغ الرسالة إليهم مع ما قاسى منهم، فلولا قُوَّةٌ إلَهية وضعها الله فيه وخَلَقَها له ما أطاق صُحْبَتهم، ولا احتمل أذاهم، ألا ترى إلى موسى ﷺ قال علماؤنا: - "كيف لم يصبر عند مخاطبة أخيه، وأَخَذَ برأسه يَجُرُّه إليه"(٤).
قال أَهْلُ التفسير:"يعني: إذا ظَلَمُوا أباح الله لهم الانتصار من الظالم بمثل فِعْلِه، لا بزيادة عليه، كما قال في موضع آخر: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤] "(٥).
(١) في (ك) و (ص) و (ب): قال. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر ﵁: كتاب الجهاد والسير، باب جواز الخداع في الحرب، رقم: (١٧٣٩ - عبد الباقي). (٣) مشارق الأنوار: (١/ ٢٣١). (٤) لطائف الإشارات: (١/ ٢٩٠). (٥) تفسير الطبري: (٢٠/ ٥٢٤ - التركي).