ويَعْسُر (١) مقام التوكل؛ قال أبو سليمان الدَّارَانِي لأحمد بن أبي الحَوَارَى (٢): "كل مقام وجدتُ لي فيه نصيبًا إلَّا مقام التوكل"(٣).
قال علماؤنا:"الأسباب المتوقعة على قسمين: مقطوع بها، ومظنون"(٤).
وزاد بعضُهم (٥) قِسْمًا ثالثًا، وهو الموهوم.
قال:"فتَرْكُ الموهوم من شرط التوكل، وهي التي نِسْبَتُها إلى دَفْع الضرر نِسْبَةَ الكي والرقية؛ فإن الكي والرقية قد تُقْدِمُ [به] على المحذور دَفْعًا لما يُتَوَقعُّ، وقد يُستعمَل بعد نزول المحذور للإزالة"(٦).
وقد وصف النبيُّ المتوكلين بتَرْكِ الكي والرقية والتطير، ولم يصفهم بأنهم إذا وصلوا إلى موضع بارد لم يَتَدَثَّرُوا (٧).
وأكلُ الثُّومِ في السَّفَرِ البارد هو من قَبِيل التعمق في الأسباب (٨).
والذي عندي في الباب أن التوكل بترك الأسباب جائز، واستعمالُها جائز، والأفضل تركها لمن قدر عليه.