وَتَعَذَّرَ أَنَّهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ; لِحَدِيثِ أَنَسٍ، فَتَعَيَّنَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ، ﵊، خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَظَنَّ الرَّاوِي أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تَامًّا، فَاتَّفَقَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ نُقْصَانُهُ فَانْسَلَخَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَاسْتَهَلَّ شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ.
وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ: لِخَمْسٍ بَقِينَ أَوْ أَرْبَعٍ. وَهَذَا التَّقْرِيرُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في كِتَابِ المَغَازِي، بَابُ حَجَّةِ الوَدَاعِ قبل حديث (٤٣٩٥):
وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ خُرُوجَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَجِّ، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مثله.
وَجزم بن حَزْمٍ: بِأَنْ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ قَطْعًا لِمَا ثَبَتَ وَتَوَاتَرَ أَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ يَوْمُ الْخَمِيس، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ بَلْ ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لَكِنْ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ أَنَسٍ: صَلَّيْنَا الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُمْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ.
وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: (لِخَمْسٍ بَقِينَ) أَيْ: إِنْ كَانَ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ، فَاتَّفَقَ أَنْ جَاءَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ يَوْمُ الْخَمِيسِ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute