فصل في الخلاف في أفضلية المشي راكبًا أو ماشيًا للحج
واختلف في الحج راكبًا أو ماشيًا أَيُّ ذلك أفضل؟
فاحتج من قال راكبًا أفضل: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج راكبًا (١). وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: وددت أني حججت ماشيًا (٢). وحج حسين بن علي - رضي الله عنهما - وابن جريج والثوري ماشيًا (٣).
وأرى المشي أفضل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ" أخرجه البخاري (٤) فدخل في ذلك المشي إلى الحج والمساجد والغزو؛ لأن كل ذلك من سبل الله. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج إلى جنازة ماشيًا، ورجع راكبًا (٥). وفي الترمذي قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: من السنة أن
(١) أخرجه البخاري: ٢/ ٥٥٢، في باب الحج على الرحل، من كتاب الحج في صحيحه، برقم (١٤٤٥)، بلفظ: (حج أنس على رحل ولم يكن شحيحا وحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج على رحل وكانت زاملته). (٢) أخرجه الطبري في تفسيره: ٩/ ١٣٤، تفسير قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: ٢٧]. (٣) انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعلامة بدر الدين العيني: ٩/ ١٣٠، ونصه (عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام حجا ماشيين وحج الحسن بن علي - رضي الله عنهما - خمسة وعشرين حجة ماشيا وأن النجائب لتقاد بين يديه وفعله ابن جريج والثوري). (٤) أخرجه البخاري: ٣/ ١٠٣٥، في باب من اغبرت قدماه في سبيل الله، من كتاب الجهاد والسير، برقم (٢٦٥٦). (٥) حسن صحيح، أخرجه أبو داود: ٣/ ١٧٨، في باب الركوب في الجنازة، من كتاب الجنائز، برقم (٣١٧٩) من حديث ثوبان بلفظ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ معَ =