باب في جوب الحج (١)، وبماذا يجب، وعلى من يجب، وهل هو على الفور؟
الحج فريضة لقول الله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧]، ولقوله سبحانه:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج: ٢٧]، وهذه الآية وإن كانت في شرع إبراهيم عليه السلام، فقد توجه الخطاب علينا بها لقوله تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ}[النحل: ١٢٣]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ. . ."(٢) فذكر الحج، ولا خلاف في ذلك.
واختلف في صفة الاستطاعة، فقال مالك في كتاب محمد: ذلك على قدر الناس. وقد يجد الرجل الزاد والراحلة ولا يقوى على المسير، وآخر يقوى أن
(١) الحج: القصد -بفتح الحاء- والحج بكسر الحاء القوم الحجاج، والحجة بفتح الحاء الفعلة الواحدة من الحج، والحجة أيضًا اللحمة التي يتعلق بها القرط من الآذان، والحجة بالضم البرهان، والحج -بالفتح أيضًا- القطع حججته حجًا قطعته قطعًا، والحجة بالكسر أيضًا السنة. انظر: شرح غريب ألفاظ المدونة، للجُبِّي، ص: ٤٠. (٢) سبق تخريجه في أول كتاب الصلاة الأول، ص: ٢٢٣.