فصل [في الرجل قذف جماعة هل يحد لجميعهم حدًا واحدًا؟]
واختلف فيمن قذف جماعة هل يحد لجميعهم حدًا واحدًا أو يحد بعدد من قذف؟ فقال مالك في المدونة: إذا قذف ناسًا شتى في مجالس، فضرب لأحدهم، ثم رفعه آخر بعد ذلك- كان ذلك الضرب لكل قذف كان قبله (١). وسواء كان (٢) عنده علم بالآخرين في حين حده لهذا أو لم يعلم.
وقال المغيرة وابن دينار: إن اجتمعوا فقاموا به حد لهم حدًا واحدًا، وإن افترقوا فلكل واحد منهم حد.
وذكر ابن شعبان قولًا ثالثًا: أنه يحد بعدد من رمى، وسواء كان القذف مفترقًا أو في كلمة واحدة.
واحتج من نصر القول الأول بحديث الإفك (٣) في قذف عائشة - رضي الله عنها - وصفوان -وهم: حَسَّان وَمِسْطَح، والذي تولى كبره منهم وهو عبد الله بن أبي ابن سلول- أنهم حدوا حدًا واحدًا.
وليس السؤالان واحدًا؛ لأن القذف في حديث الإفك شيء واحدٍ (٤) والكذب على عائشة - رضي الله عنها - كذب على صفوان، والكذب على صفوان كذب على عائشة - رضي الله عنها -. ولو قذف رجل رجلًا بامرأة سماها، فطولب بالمخرج فعجز- لحد
(١) انظر: المدونة: ٤/ ٤٨٧. (٢) قوله: (كان) ساقط من (ق ٧). (٣) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٤/ ١٥١٧، في باب حديث الإفك من كتاب المغازي، برقم (٣٩١٠)، ومسلم: ٤/ ٢١٢٩، في باب حديث الإفك وقبول التوبة، من كتاب التوبة، برقم (٢٧٧٠). (٤) قوله: (لأن القذف في حديث الإفك شيء واحد) ساقط من (ف).