[باب في الوصايا ومنازلها في الوجوب والاستحباب والمنع]
الأصلُ في الوصايا قول الله سبحانه وتعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ}[البقرة: ١٨٠]، وقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١٢]. وقد تضمنت هذه الآية ثلاثة أصناف: دينًا، ووصية، وميراثًا، فكان المفهوم أن الوصية التي تنفذ هي (١) ما يعطيه الميت بالطوع من غير الصنفين المذكورين: الدين، والميراث. ولما جعل الله سبحانه ألا ميراث إلا بعد إنفاذ الوصايا، دلَّ على وجوب إنفاذها. وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَىْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتْينِ إلَّا وَوَصِتيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ"(٢).
واختلف في الآية الأولى، فقيل: المراد بها من لا يرث من الأبوين، كالعبد
(١) قوله: (هي) ساقط من (ق ٦). (٢) متفق عليه، البخاري: ٣/ ١٠٠٥، في باب الوصايا وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وَصيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)، من كتاب الوصايا، برقم (٢٥٨٧)، ومسلم: ٣/ ١٢٤٩، أول كتاب الوصية, برقم (١٦٢٧)، ومالك: ٢/ ٧٦١، في باب الأمر بالوصية, من كتاب الوصية, برقم (١٤٥٣).