• وأما كون أصحاب رسول الله ﷺ أقروه على ذلك، فهذا غير صحيح فقد تقدم حديث ابن مسعود أنه حين صلى عثمان بمنى أربعًا عد ذلك من المصائب، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وقال ابن عمر: تفرقت بكم الأهواء، لكن ابن مسعود يقول: الخلاف شر، فيرى أنَّ جمع الكلمة وطاعة ولي الأمر المسلم أوجب من القصر، والنبي ﷺ يقول:«صلوا فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ»، وليس القصر للمسافر شرطًا في صحة صلاته.
وقد استدلّه ابن عبد البر للجمهور بوجوب إتمام المسافر خلف المقيم على أنَّ القصر غير واجب، فقال ﵀ في «التمهيد»(٣٤٢): وَفِي إِجْمَاعِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ فَأَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، فَلَوْ كَانَ فَرْضُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَنْتَقِلْ فَرْضُهُ إِلَى أَرْبَعٍ، كَمَا أَنَّ الْمُقِيمَ إِذَا دَخَلَ خَلْفَ الْمُسَافِرِ لَمْ يَنْتَقِلْ فَرْضُهُ إلى اثنين، وَهَذَا وَاضِحٌ لِمَنْ تَدَبَّرَ وَأَنْصَفَ. اهـ.
قُلْتُ: وهذا القول يرد على من رأى أنَّ القصر شرط لصحة الصلاة، فإن أتم بطلت صلاته، وسيأتي بيان أنَّه إن أتمَّ صحة صلاته، وإنما هو واجب تركه ابن مسعود لما هو أوجب منه، وهو طاعة ولي الأمر.