بالاعتقاد من غير نطق، وعلى الحب والبغض أنه يُثاب إذا أحب في الله ويأثم إذا أبغض أولياءه، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ، وَآيَةُ الْكُفْرِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ"(١)، وأما سقوطه فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ"(٢).
وقال ابن القاسم فيمن قال: أنت طالق ولم يرد الطلاق، وإنما أراد من وثاق وليست في وثاق كانت طالقًا، وقال مالك فيمن قال أنت طالق فزل لسانه فقال: البتة قال: هي ثلاث فألزم الطلاق باللفظ من غير نية (٣).
وقال سحنون (٤): لا شيء عليه في ذلك وهو أحسن، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الْأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ"(٥) ولأن الطلاق يتعلق به حق لآدمي وحق لله تعالى، فحقها أنه أعطاها نفسها، ومن أراد أن يقول لرجلٍ: بعتك عبدي فقال: وهبتك إياه لم تلزمه هبة، والحقّ لله تعالى؛ لأنها لو رضيت أن تسقط حقها فيما أعطاها، لم يجز ولم يتوجه الحق لله تعالى إذا زل لسانه، فقال: أنت طالق أو قال البتة، ولقول
= مالك: ومن طلق بقلبه ثلاثا مجمعا على ذلك، فلا شيء عليه. قال ابن عبدالحكم: وقد قيل: إنها تطلق عليه، وليس بشيء، فال أبو محمد: وهي رواية أشهب عن مالك في العتبية). (١) متفق عليه، أخرجه البخاري: ١/ ١٤، في باب علامة الإيمان حب الأنصار، من كتاب الإيمان، برقم: (١٧)، ومسلم: ١/ ٨٥، في باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي - رضي الله عنهم - من الإيمان. . .، من كتاب الإيمان، برقم: (٧٤)، من حديث أنس - رضي الله عنه -. (٢) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٥/ ٢٠٢٠، في باب الطلاق في الإغلاق والكره. . .، من كتاب الطلاق، برقم: (٤٩٦٨)، ومسلم: ١/ ١١٦، في باب تجاوز الله عن حديث النفس. . .، من كتاب الإيمان، برقم: (١٢٧)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٣) انظر: المدونة: ٢/ ٢٩١. (٤) قوله: (سحنون) ساقط من (ح). (٥) سبق تخريجه في كتاب الصيام، ص: ٧٣٢.