وذكر عن ابن عباس مثل ذلك، وهو أحسن، لحديث سلمة (١) بن صخر أنه ظاهر من زوجته (٢) حتى يمضي رمضان، فلما مضى النصف وقع عليها ليلًا، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له:"أَعْتِقْ رَقَبَةً. . ." الحديث، وهذا حديث صحيح، رواه الترمذي في جامعه (٣)، فهذا صاحبٌ كان يرى ذلك، أن يضرب للظهار أجلًا، وذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره عليه، ولو كان الأمر بخلافه لأعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعكسه أن يقول: إذا مضى شهر أو سنة فأنتِ عليَّ كظهر أمي، فإنه يلزمه الظهار من الآن، وعلى قوله الآخر: لا يكون مظاهرًا (٤) حتى يأتي ذلك الأجل، وقد اختلف الناس في الطلاق إلى أجل، والظهار أخف (٥).
وقال ابن القاسم في المدونة: إذا قال: أنت عليَّ كظهر أمي إلى قدوم فلان، لم يكن مظاهرًا حتى يقدم فلان، بمنزلة من قال: أنت طالق إلى قدوم فلان، أنها لا تكون طالقًا حتى يقدم (٦).
وقد يفرَّق بين السؤالين: فيلزمه الظهار الآن، ولا يلزمه الطلاق حتى
(١) في (ح) و (س) و (ش ١): (سليمان). (٢) في (ح): (امرأته). (٣) (حسن) أخرجه أبو داود في سننه: ١/ ٦٧٣، في باب الظهار، من كتاب الطلاق، برقم (٢٢١٣)، والترمذي في سننه: ٥/ ٤٠٥، في باب ومن سورة المجادلة، من كتاب تفسير القرآن، برقم (٣٢٩٩)، وابن ماجه في سننه: ١/ ٦٦٥، في باب الظهار، من كتاب الطلاق، برقم (٢٠٦٢)، قال الترمذي: هذا حديث حسن. (٤) قوله: (لا يكون مظاهرًا) يقابله في (ح): (لا يلزمه). (٥) نهاية السقط من (ق ١٠). (٦) انظر: المدونة: ٢/ ٣١٠.